مقالات

رحيل هاشم كرار خلسة

 

محمد الشيخ حسين -كاتب سوداني

الراصد الإثيوبي -السودان

السبت 4 نوفمبر 2023

لم يكن صباح الجمعة الأولى من نوفمبر 2023م في دنقلا التي نزحت إليها مشردا طلق المحيا حين قرأت نبأ وفاة هاشم كرار. لحظتها ترحمت عليه ودعوت له وبكيت من وجع.
والله أيام يا زمان يا هاشم كرار فقد تذكرت لحظتها مشاركتنا في تظاهرات أبريل 1985 وهتافاتك في وسط الخرطوم المدوية لسقوط نظام مايو وخلع السفاح نميري.

وسقطت مايو وفرحنا ولكن الحاصل الأن أن انتفاضة أبريل قد أصبحت ذكرى ملفوفة بالنسيان من ثوارها ومشبعة بالتجاهل ممن كنا نسميه السدنة. وفوق ذلك الناس يتملكها حنين جارف إلى أيام مايو وحكم النميري.

والله ايام يا هاشم كرار هل نتذكر رحلتنا إلى الدامر في يناير 1985 حين طلبت مني أن أذهب إلى نهر النيل عند المغيرب وحين سألتك عن مبرر الذهاب أجبتني بابتسامة عذبة لكي نشاهد كيف تغسل الشمس قدميها عند حافة النيل عند الغروب.

وكانت ايام يا هاشم كرار هل نتذكر يوم قضينا الليلة معك في الحصاحيصا ونحن عائدون من حفل زواج فتح الرحمن النحاس. وصباحا اتحفتني الوالدة الوقورة بت الجعيلي بشاي كارب من صنع شايقية حنينة تجعلك تسكت تكب وما تعد.

كانت ايام يا هاشم كرار هل نتذكر كارتر وسعيه الحميم لجلب السمك من السوق الشعبي كان سمكا طاعما شهيا أحسست بعده ان كارتر كان أحد شيوخ السودان الكاربين الذين يدخلون أيديهم في النهر ويخرجون السمك حيا ثم يرفعونه إلى عنان السماء لكي تشويه الشمس وتلك كرامات تكثر في الأدب الصوفي السوداني.

والله كانت ايام يا هاشم كرار فقد حدثني عنك المواطن الصالح الجنرال عوض أحمد خليفة حين قاطعني شوف هاشم كرار صحافي نادر لن يتكرر في السودان قريبا. بلوم صحفي قلت سعادة الجنرال الا يحتاج هذا الوصف إلى انضباط رد على بحسم هاشم كرار:
قوةٌ مع لين
ولينٌ مع اعتداد
اعتداد مع تواضع
تواضعٌ مع تسامي
كان لسان حال هاشم كرار يتحدث دايما بحياءٍ و تأدَّبٍ، فيقع الفعلُ منه برداً وسلاماً على المتلقين.
عطفاً على كل ما رويته من مشاهد ومن صفات تجعل هاشم كرار محل تقدير و امتنان لكل من اقترب منه أو عاشره أو عَمِل معه تلك صفاتٌ ود البلد.
ومن صفة ود البلد اكتسب هاشم كرار حبه وحنينه الجارف للدوحة، وانا زرت الدوحة مرة واحدة وحين وصلتها كان هو في رحلة عمل في اسمرا.

ولهاشم كرار مع اسمرا ذكريات وحكايات وكتب ينقضي الليل ولا تكتمل. ومع ذلك أبلغني بفرح طاغ لو تحب تزور الدوحة نرتب ليك تاني.
بعد رحيل هاشم كرار سيغيب عن حياتنا السمر وطبعا ليالي الأُنسِ لُذاذ بالحيل في ربوع الحصاحيصا الشاكية وباكية رحيل هاشم كرار.

لا حول ولا قوة إلا باللـه الف رحمة ونور تنزل علي قبر الفقيد الراحل واحسن الله العزاء لاسرته الصغيرة والكبيرة والممتدة ولك ارملته اماني محجوب.

،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  (To Type in English, deselect the checkbox. Read more here)
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Lingual Support by India Fascinates