مقالات

إثيوبيا….إلى أين ؟!

عمار العركي
عمار العركى -كاتب سوداني
الراصد الإثيوبي -السودان
الثلاثاء 28 مارس 2023
منذ مطلع مارس الجارى تشهد أثيوبيا جملة من التطورات السياسية والأمنية على الصعيدين ، الداخلى، والخارجى ، والتى من الوهلة الأولى تبدو إيجابية ومثمرة ، ولكن سريعا ما تفصح عن جانب عكسى ومتناقض، يُشير الى وجود مخاطر وتهديدات على العملية السياسية السلمية والإستقرار الداخلى ، وعلى مسار علاقات أثيوبيا الخارجية.
* فعلى مستوى إتفاق السلام المبرم مع جبهة التقراى فى 2 نوفمبر من العام الماضى ، تم الإيفاء بجملة من البنود المستحقة ، مثل تغيير السلطة الإقليمية في إقليم التقراى بقيادة الدكتور ديبرصون، وحلول قيتاشو ردا الحائز على أعلى الأصوات على حساب المخضرم “ديبرصون” ، إعلان حكومة الإقليم المؤقتة وإعتمادها رسميا عقب قرار البرلمان الأثيوبى برفع إسم “جبهة تحرير التقراى” من لائحة الإرهاب اعوام من تصنيفها، ولكن برغم ذلك ، وفي أول خطاب رسمي له بعد أن أصبح رئيسًا لحكومة تيغراي المؤقتة قال “قيتاجو ردا ” ان ما حدث في اقليم تقراي ابادة جماعية بمعنى الكلمة ،ومن أسوأ الإبادات ، إن لم تكن الأسوأ في تاريخ العالم ،والإعتداء من قبل قوات عدة في المنطقة” .
* فى غضون ذلك عقد الحزبين المؤثرين ، حركة أمهرا الوطنية (أبن) وحزب المواطنين الإثيوبيين من أجل العدالة الأجتماعية (أزيما) مشاورات حول القضايا الوطنية، وبحسب أعضاء الحزبين تم مناقشة العديد من القضايا، وتم الاتفاق على وحدة المواقف المشتركة، ويعتبر الحزبين من الأحزاب التي لها مقاعد في البرلمان الإثيوبي وتشارك فى مناصب وزارية في الحكومة الحالية ، وعلي الرغم من ذلك تنتقد تحركات الحكومة،خاصة ملف السلام الموقع مع “جبهة تحرير تقراي” ، وملف رفع أسمها من قائمة الأرهاب،وقضايا عدة تتعلق بأقليم امهرا وآراضي “أقليم امهرا”.
* تزامن ذلك، مع كلمة عمدة أديس أبابا “أدانيش أبيبي” أمام الجمعية العادية لمجلس المدينة، التي قالت ( إن إدارتها اضطرت إلى التعامل مع جملة من التحديات فى الأيام الأخيرة، فالشباب يتدفقون إلى العاصمة من بعض دول المنطقة بنية “الإطاحة بالحكومة المنتخبة قانونا”،أضافت العمدة أدانيش أن “قوى التدمير تهدف إلى “تدمير سلامنا”، ويتم تحريض الشباب خلال الدعاية الكاذبة) ، دون ذكر من كانت تشير إليه.
* هذا ، وقد عزز مفوض شرطة أديس أبابا “جيتو أرغاو” ملاحظة العمدة بالإحصاءات عندما قال إن 64% من الشباب المذكورين الذين جاءوا إلى المدينة كانوا من منطقة “أمهرة” ، في حين أن 24% كانوا من إقليم شعوب جنوب اثيوبيا و 14% من مناطق أوروميا على التوالي.
*سريعاً ما أثارت تصريحات عمدة أديس ابابا ضجة وانتقادات من الأحزاب السياسية المعارضة، وأبرزها الحركة الوطنية لأمهرة (NAMA) والفضاء الإثيوبي لوسائل التواصل الاجتماعي. سارعت الجمعية إلى وصف ملاحظة العمدة بأنها “تحريض خطير ومثير للانقسام وإبادة جماعية” ودعت الى محاسبة العمدة على تصريحاتها.
* جاء هذا الجدل الأخير على خلفية تقارير عن حوادث متكررة منع فيها المسافرون، وخاصة من منطقة أمهرة، من الوصول إلى المدينة عند الوصول إلى حدود ولاية أوروميا الإقليمية، والتي يتعين عليهم عبورها للوصول إلى أديس أبابا.
* كل ذلك تزامن مع عودة أزمة “سد النهضة” للواجهة بعد فترة من السكون ، فكان أن بدأت فى أول مارس بتصعيد إعلامى من الجانبين بسبب نشر صور حديثة تم التقاطها بالأقمار الصناعية لسد النهضة الإثيوبي أثارت غضب القيادة المصرية، التى تقول بعدم التزام أثيوبيا باتفاقيات حفظ حقوق دول حوض النيل في حقها من مياهه ، حيث، أظهرت الصور عملية الإنشاءات الجارية والتعلية في سد النهضة لتجهيزه للتعبئة الرابعة،وفي منتصف من مارس الجارى تم تبادل التصريحات الخشنة الرسمية بين البلدين قبل أن تبلغ قمتها فى آواخر ذات الشهر ، بإعلان أثيوبيا رسميا الفراغ من اكمال مشروع السد.بنسبة 90%.
* في هذه الأثناء ، كانت هنالك زيارة مهمة من وزير الخارجية الأمريكى “أنتوني بلينكن”، خلال زيارته التي استمرت 5 أيام، تنوعت الأطراف والملفات التي شملتها الزيارة ، غير أن لا جديد ذُكر تجاه هذا الملف، بعد انتهاء الزيارة برغم أهميته، مما ترك إستفهام حول اولويات وأهميات “بيلنكن” فى المنطقة وأثيوبيا.
* قدمت الولايات المتحدة مساعدات إنسانية بقيمة 331 مليون دولار، مع الوعد بدراسة إعادة إثيوبيا إلى عضويتها في قانون النمو والفرص في أفريقيا «أجوا»، بعد التنفيذ الكامل لاتفاقية «بريتوريا السلام»، ، فيما التقى «بلينكن» بممثلين عن «جبهة تحرير شعب تيجراي»، الذين عبَّروا عن تمسُّكهم بتطبيق اتفاق السلام.
* على الرغم من وصف إثيوبيا، للزيارة بالمثمرة، وانها وضعت معالم جديدة في طيِّ صفحة الماضي، ونقْل العلاقات إلى مستوى أفضل، بحسب المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإثيوبية، ملس ألم الذى قال : إن زيارة «بلينكن» لإثيوبيا، حققت أهدافها في التوصُّل لتفاهمات مشتركة، طوت صفحة الماضي من العلاقات التي شابها التوتُّر، إلى البحث عن شراكةٍ جديدةٍ، وإعادة العلاقات التاريخية بين «إثيوبيا، والولايات المتحدة» .
* ولكن بعد يومين من زيارة زيارة “بلينكن”، تجدد الخلاف الأمريكي الإثيوبي حول “حرب تيغراي” بعد بيان الخارجية الأمريكية حول ارتكاب جرائم حرب من جميع الأطراف في تيغراي ، حيث قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن فى مؤتمره الصحفي “بعد مراجعة دقيقة خلصنا إلى أن عناصر من القوات الإثيوبية، والقوات الإريترية، وقوات جبهة تحرير تيغراي وأمهرة ارتكبوا جرائم حرب أثناء الصراع في شمال إثيوبيا”( أعتقد بأن هذه التصريحات الأمريكية جعلت “قيتاجو ردا”، يلتقط القفاز ويواصل على ذات النسق في خطابه الرسمى بعد إعتماد حكومته المؤقتة بالإقليم، اضافة الى ان الرجل يعمل على تحييد المناوئيين للاتفاق في آواسط التقراي) .
* البيان الأمريكى رفضته كل من الخارجية الإثيوبية، والإرترية ، حيث اكدت اديس ابابا أن البيان لا يحتوي على نتائج جديدة ،وأنها لا تقبل الإدانات الشاملة الواردة ولا ترى أي قيمة في مثل هذا النهج الأحادي والعدائي واصفة البيان بأنه انتقائي لأنه يوزع اللوم بشكل غير عادل على أطراف النزاع المختلفة دون سبب واضح. وتابعت: “يبدو أن البيان يُبرئ طرفًا واحدًا من مزاعم معينة تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان مثل الاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي على الرغم من الأدلة الواضحة حول مسؤوليته”، في إشارة إلى جبهة تحرير تيغراي ،و أكدت أن هذا البيان يأتي بعد وقت قصير من إطلاق المشاورات الوطنية حول خيارات سياسة العدالة الانتقالية والمساءلة، لافتة إلى أنه سيكون هناك مزيد من التحقيقات في مزاعم أنواع الجرائم التي يدعي بشأنها بيان وزارة الخارجية الأمريكية.
* وأشارت وزارة الخارجية الإثيوبية إلى ان مثل هذه التصريحات تضر بالجهود الوطنية لإجراء تحقيق شامل في الادعاءات، أيا كان الجاني ” ، وأكدت أن “البيان الأمريكي تحريضي”، مضيفًة أنه “مهما كانت نوايا وزارة الخارجية الأمريكية، فسيتم استخدام هذا البيان لدفع حملات شديدة الاستقطاب تضع مجتمعًا ضد الآخرين في البلاد”.
* هذا فيما قالت الخارجية الإريترية ، إن الادعاء الأمريكي ، لا ينبع من أدلة واقعية لا جدال فيها ، و يشكل تجسيدًا واستمرارًا للعداء غير المبرر والشيطنة التي انتهجتها الإدارات الأمريكية ضد إريتريا منذ عام 2009 لدفع أجنداتها السياسية الخفية. وأوضحت أريتريا ، أن الخارجية الأمريكية أثارت اتهامات لا أساس لها وتشهير ضد قوات الدفاع الإريترية.
وأضاف العقوبات غير المشروعة والأحادية التي فُرضت على إريتريا وسلوك واشنطن الذي لا يمكن الدفاع عنه في العامين الماضيين – الموجهة أساسًا لإعفاء جبهة تيغراي وإنقاذها – تزيد فقط من تواطؤها ومساءلتها عن العواقب المأساوية التي تكشفت. وقال البيان الإريتري إن حملة الشيطنة الرخيصة الحالية مصممة لابتزاز وترهيب إريتريا والحكومة الإثيوبية الفيدرالية من خلال اتهامات كاذبة وإبقائهم رهائن مع تعزيز جبهة تيغراي لإحداث المزيد من الفوضى ، حيث ظل الهدف الأسمى للولايات المتحدة هو إنقاذ جبهة تيغراي تحت جميع الظروف. .
خلاصة القول ومنتهاه: – بيان الخارجية الأمريكية الغير متسق مع مخرجات زيارة “بلينكن” ربما يكون بسبب ضغوط المنظمات الحقوقية الأمريكية واللوبيهات على الإدارة الأمريكية باعتبارها تساهلت وغضت الطرف عن ملف جرائم الحرب والإنتهاكات التي تمت مقابلة التوقيع على سلام “بريتوريا” ، كذلك قد يكون البيان بهدف مزيد من الضغط على اطراف الصراع ، خاصة ارتريا المتمسكة بحضورها بإقليم تقراى ،كما ان التنافس قد يكون حاضرا ، وقطع الطريق امام الصين ومناوراتها “بمؤتمر الصين للسلام” يستهدف حل الأزمة.
* يظل التدخل الخارجى الأمريكى تحت غطاء ‘المساعدة” فى الوصول لسلام واستقرار ، و”الإرترى” تحت غطاء التعاون التحالف الإستراتيجى هو العامل الرئيس المتسبب فى أى تراجع او إنهيار للسلام فى أثيوبيا ، والذى هو نتيجة حتمية إن سارت الأوضاع بذات الوتيرة ، ويكمن الحال فى توافق ” أثيوبى أثيوبى” وإرادة سياسية وطنية خالصة ، تقفل الباب أمام أى تدخل خارجى.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  (To Type in English, deselect the checkbox. Read more here)
زر الذهاب إلى الأعلى
Lingual Support by India Fascinates