مقالات

  السودان  ضغط التدخل وإغراء التحول

 

عمار العركى -كاتب صحفي

الراصد الإثيوبي -السودان

الخميس 16 مارس 2023

منذ أن أعلنت إيران والسعودية استئناف علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016، بعد مفاوضات قادتها الصين، توالت ردود الفعل العربية و الدولية حول أثر هذا الاتفاق والبُعد الذي يحمله فيما يتعلق بعلاقات الصين ونفوذها في المنطقة من جهة ، والتحولات المتوقعة فى شكل التحالفات ، ومآلات صراعات وأزمات الشرق الأوسط ، والتى نتوقع تسوية كثير منها ، ولكن لا نستبعد بروز أخرى بسبب تضرر مصالح البعض جراء هذا التطور ، خاصة “إسرائيل”، 

عدد من التطورات الداخلية والإقليمية التى طرأت خلال الفترة القليلة الماضية وتزامنت مع بعضها بصورة تؤكد على أن أى إستقرار داخل أى دولة مرتبط بصورة مباشرة بإستقرار الإقليم ، وأن دول منطقة القرن الإفريقى المعترف بها “جغرافيا” أو ” سياسيا” باتت “كدولة واحدة” ، ولكن من حيث وحدة المهدد والخطر المتوقع عملاً بمبدأ” المصائب توحد المصابينا” ، ولكن هذه.”الدولة القرنية” ، تبدو دولة منقسمة، غير متوافقة على سُبل درء تلك المخاطر ، وإيجاد الحلول. 

هذه الوضعية يؤكدها الحراك الإقليمى الكثيف خلال الفترة القليلة الماضية ، فقد زار “البرهان” قطر وهناك التقي تميم ، ابى احمد ، محمد ديبي ، بعدها توجه “ابى احمد” الى جوبا فى إطار مهمة خاصة بالإيقاد ، و يجمع بين (سلفاكير ورياك مشار) ، تزامنا مع تواجد الفريق اول شمس الدين الكباشى، فى مشهد يوحى بأن هناك تنسيق وتفاهم اثيوبي سودانى إقليمى، وقبلها بيومين كان الرئيس الإرترى فى زيارة رسمية لكينيا ، وأخرى سرية للمملكة العربية السعودية سبقت إعلان عودة العلاقات الدبلوماسية مع ايران ، ثم عاد الى بلاده ليستقبل الفريق (حميدتى) في زيارة مفاجئة وغير مخطط لها ، فى أعقاب عودته من الإمارات التى أمضى فيها ثمانى أيام عقبها، زيارة مماثلة للحرية والتغيير المجلس المركزى ، كما كان هناك زيارات رئاسية بين الصومال وجيبوتى أثيوبيا.

هذا الحراك الإقليمى ياتى فى ظل التصاعد الأخير لوتيرة التدخلات الدولية والإقليمية التى أثمرت – ولا زالت – عن العديد من التطورات والمتغيرات على مستوى الشرق الأوسط ، وإفريقيا خاصة شرقها وغربها ، التى كان أبرزها عودة العلاقات الخليجية القطرية ورفع الحصار ، انعقاد قمة الصين السعودية بالرياض ، ، زيارة المبعوثين الغربيين الستة ، جولة رئيس وزراء روسيا ( سيرجي) لدول المنطقة من بينها السودان وارتريا.، انعقاد القمة الإفريقية التى.شهدت طرد اسرائل من القمة ، واعتماد الاتحاد الإفريقي فى مجموعة العشرين ، ومقاعد افريقية بمجلس الامن الدولى…. الخ 

فبالتالى أي تطورات لاحقة على مستوى داخل او خارج دول المنطقة، لا ينفصل عن تلك التدخلات والتى تنطلق من منطلق (صراع النفوذ الدولى والتموضع ), من اجل الهيمنة الإقتصادية والسياسية. 

مجمل التطورات والتغيرات التى حدثت – والتى ستخدث – .كانت بصورة مباشرة على، إثر (تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية و بروز الصين كقوة موازية) ، تطورات تُنبئ بأن مرحلة التحولات والتحالفات وفق التشكيل الجديد للخارطة قد بدأت فعليا ، واحدة منها ( عودة العلاقات السعودية الإيرانية) وانطلاق تفاهمات مصرية بحرينية إيرانية يتوقع معها أن تفضى لتطبييع ، على ضوها سيعاد ترتيب التحالفات والمواقف عموما .

 عليه ، لا نستبعد بأن يكون الحراك واللقاءات والزيارات المشار اليه في هذا السياق ، وما قام به البرهان مع قطر وتشاد واثيوبيا فى زيارة الدوحة ، وزيارة حميدتى و الحرية والتغيير للإمارات وتواصل حميدتى أفورقى ، والكباشى مع جنوب السودان وأثيوبيا، ما هو الا محاولات ومساعى لحشد وتعبئة تجاه تسوية الأزمة السياسية السودانية الراهنة من جهة ، وتوحيد وجهات النظر والمواقف حيال التطورات والمتغيرات الإقليمية من جهة أخرى. 

أعتقد ان هذا الحراك والمناورات الاقليمية ، إحدى إيجابيات(الحرب الروسية الأوكرانية) والتنافس المحموم على كسب الدول وبناء التحالفات، الذى أصبح (سلعة) باهظة الثمن ، أجبرت القوى المتنافسة على استخدام اسلوب الإغراء والحوافز ، والجذرة البلا عصا ، مع ترك هامش للمناورات والإستطلاع فى فضاءات ومساحات كانت حتى زمن قريب ، محظورة ومُحرمة بأمر القطبية الآحادية . 

من الواضح أن المشهد فى الشرق الأوسط والخليج بدأ يتشكل بقيادة سعودية وبصمات صينية بدأت بعودة قطر للمشهد ، والذى سيأخذ أبعاد جديدة ، بعودة العلاقات السعودية الإيرانية ،التى ستليها عودة العلاقات مع باقى دول الخليج ومصر والسودان.

المشهد الإفريقي لا يزال فى المرحلة ما قبل التشكيل ، وإن كان للصين نشاط كبير في شرقها والبحر الأحمر ، ولتركيا وروسيا مثله فى غربها وساحل الصحراء ، وبتأثيرات صينية سعودية مصرية قطرية متوقعة سيتم بروز ملامح لشكل المشهد القادم. 

خلاصة القول ومنتهاه:- – الشاهد في كل هذا أن(السودان) ، برغم أزماته ومعوقاته ، ومن خلال موقعه وثقله يظل الدولة “المحورية والفاعلة” والقاسم المشترك في المشهدين “العربى والإفريقى” ، فقط مطلوب إدارة فترة “الحراك والمناورات”، بتخطيط إستراتيجي وذكاء سياسى يُستثمر فى الوصول لتسوية وإستقرار سياسى داخلى ، ثم تموضع إقليمى يتناسب مع محوربة وفاعلية السُودان.

،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  (To Type in English, deselect the checkbox. Read more here)
زر الذهاب إلى الأعلى
Lingual Support by India Fascinates