مقالات

الذهب فى أقليم أعالى النيل الأزرق (السودان – إثيوبيا)

ابراهيم شداد -إثيو-سودانى 

الراصد الإثيوبي -تنزانيا

الأربعاء 25 يناير 2023

عملت مديرا للمكتب الاقليمى فى الدمازين-النيل الازرق للهيئة العامة للابحاث الجيولوجية خلال الفترة ١٩٩٦-٢٠٠٢م. كذلك اشتغلت كخبير ومستشار خاص لشركة سودانية رغبت فى التعدين فى الاقليم المتاخم وهو اقليم بنى شنقول-القمز بغرب اثيوبيا، حزام تمعدن الذهب والمعادن المصاحبة والمشترك يعرف بحزام عدولا Adloa Metallogenic Province
نسبة لميناء عدوليس التاريخى والذى اشتهر بالتجارة فى الذهب من داخل الحبشة خلال الحضارة السبئية والإغريقية، وعدوليس حاليا ضمن الدولة الارترى،وهذا الحزام للتمعدن مشابه لمثيلاته فى صخور وتمعدن وتراكيب الدرع العربى-النوبى المشترك ما بين غرب السعودية والصحراء الشرقية المصرية وجبال البحر الاحمر السودانية وشمال السودان وجبال النوبة ومنطقة كبويتا فى دولة جنوب السودان، ومعظم هذه الأجزاء من الدرع شهدت نشاط تاريخى لتعدين الذهب.
اما عن تاريخ تعدين الذهب فى غرب اثيوبيا (منطقة ولقا وجبال بنى شنقول (أصوصا) فاقدم نشاط تعدينى يعود الى امتداد دولة سبأ اليمنية الى اكسوم فى الحبشة بعهدها السبئي قبل المسيحية والذى يعود الى ١٢٠٠ق م-٨٠٠ ق م. وقد نشرت ورقة علمية باللغة الانجليزية ٢٠٠٨م عن حقول الذهب فى اعالى النيل الازرق بشقية الاثيوبى والسودان. وفيما يلى معلومة مختصرة عن ذالك.

يقع إقليم أعالى النيل الأزرق الأخاذ فى المنطقة الجغرافية التى تشمل حاليا غرب أثيوبيا وجنوب شرق السودان. وظل هذا الأقليم عبر القرون مصدرا غنيا بالذهب حيث أشتهر مواطنوه جيلا بعد آخر بأستخراج كميات وافرة من تبر الذهب. تتناول الورقة تاريخ تعدين وتجارة الذهب وإرتباطه بالصراع السياسى والأبحاث الجيولوجية والتنقيبية الحديثة عن الذهب وتمعدنه وأثر التعدين على التنمية المحلية ومخاطره البيئة. فقد ساهم الذهب المستخرج تاريخيا من هذا الأقليم فى ثراء ممالك مجاوره وحضارات متعاقبة هى قدماء المصريين وسبأ واليهودية وبطالسة الأغريق والرومان ونوبية (وثنية – مسيحية) والفونج والتركية السابقة والمهدية والحكم الثنائى الأنجليزى – المصرى ثم والحكومات الوطنية السودانية والإثيوبيه. أدى اشتهار وجود الذهب فى هذا الأقليم الى تعرضه الى نزوح بشرى متكرر وهجرات مختلفة أدت الى أكتظاظه بالنشاط التعدينى بحثا عن الثراء السريع بعضها أخذ طابع العنف العسكرى وإسترقاق الكثير من مواطنينه الزنوج ونهب ثرواتهم من الذهب فيما يعرف بالذهب الدامى، عروق المرو الحاوية للذهب الرئيسى تقاطع باتجاهات مختلفة الصخور الأساسية السودانية – الإثيوبية وهى صخور متحولة ومتأثرة بالتشريطات التركيبية من عهود ما قبل الكمبرى لها إتجاهات سائدة إقليمية شمالية-جنوبية. وعروق المرو متقطعة على سطح وعمق الأرض وغير منتظمة فى ابعادها وميلانها وعادة ما تكون قصيرة وغير عريضة. يتواجد الذهب فى عروق المرو هذه على صفتين هما شذرات الذهب المرئية والذرات متناهية الصغرغير المرئية والمنتشرة بنسب مختلفة فى المرو وفى حفره الصغيرة وبداخل بلورات كبريتاد الحديد والنحاس المصاحبة عادة للذهب. يعتقد أن تمعدن الذھب تسبب فيه التشريط التركيبى الذى أدى الى خلق حالة مفتحة للصخور تم تعزیزھا بالحركات الرأسیة والحرارة المنبعثة من تصاعد صھیر أجسام القرانیت فى المنطقة. العروق الحاوية للذهب الرئيسى هى مصدر الخامات الثانوية الرسوبية لتبر الذهب المرتبطة بالتربة الحصوية فى شبكة مجارى مياه الأمطار.
تنتهج السلطات الجيولوجية والتعدينية فى السودان وإثيوبيا سياسة تعدينية مشجعة لتعدين الذهب فى جانبى البلدين من الأقليم بمنح تراخيص تعدين صغيرة لأستخراج الذهب يدويا أو بآليات ميكانيكية. بالأضافة لتشجيع إستثمارات كبرى فى أنشطة تعدينية حديثة للذهب الأساسى بمنح تراخيص لشركات وطنية وأجنبية تغطى جانبى الحدود للبلدين. قبل حالة السلام التى عمت لاحقا الأقليم ظلت أجزاء مقدره منه معرضه للتهميش وضآلة التنمية من جراء تكرار حركات التمرد المسلحة وحرب الحدود ومخلفاتهما من حقول الألغام بإيعاز من قوى الأستكبار الدولية. الحوجة ملحة الآن لتحسين وتنفيذ تلك السياسات التعدينية المشجعة لمساهمة مقدرة من قطاع التعدين فى التنمية الأقتصادية-الأجتماعية المستدامة لمواطنى الحدود بين البلدين ودعم السلام القائم الآن فى الأقليم. تضافر الجهود الإثيوبية-السودانية ضرورى لتحسين وتطبيق مذكرات التفاهم الموقعة بين الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية والمساحة الجيولوجية الإثيوبية.الأهداف تشمل تبادل المعلومات وإجراء مشاريع مشتركة عبر الحدود تحت شعار جيولوجيا بلا حدود. وتوجه مشاريع التكامل لتنمية أنشطة تعدينية للذهب نظيفة بيئا وبأقل التأثيرات الضارة بالبيئة المحلية. وفى ذلك يحتاج الطرفان الى التقدم سويا لطلب الدعم التقنى والمالى من المؤسسات والمنظمات الأقليمية والدولية المهتمة بأثر التعدين العشوائى على التنمية المحلية ومخاطره البيئة.

،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  (To Type in English, deselect the checkbox. Read more here)
زر الذهاب إلى الأعلى
Lingual Support by India Fascinates