إثيوبيا تودّع مفتيها العام الحاج عمر إدريس في جنازة وطنية مهيبة

زاهد زيدان – كاتب إثيوبي
الراصد الإثيوبي -أديس أبابا
الثلاثاء 21 أكتوبر 2025
شيّعت إثيوبيا اليوم مفتيها العام السابق الشيخ الحاج عمر إدريس في مراسم وداع رسمية وشعبية مهيبة شهدتها العاصمة أديس أبابا، بمشاركة واسعة من قيادات الدولة ورجال الدين وجموع المواطنين، الذين احتشدوا لتوديع واحد من أبرز رموز العلم والدعوة والاعتدال في البلاد.
انطلقت مراسم التشييع صباح اليوم من مسجد بنين الكبير مسجد النور (مسجد الشيخ زايد آل نهيان)، حيث أُديت صلاة الجنازة وسط حضور حاشد امتلأت به الساحات والشوارع المحيطة بالمسجد، في مشهد عكس المكانة الكبيرة التي حظي بها الراحل في قلوب الإثيوبيين على اختلاف دياناتهم وأعراقهم.
وبعد أداء الصلاة، نُقل الجثمان في موكب جنائزي مهيب إلى قاعة الألفية، التي احتضنت مراسم التأبين الرسمية بحضور رئيس الجمهورية تايي آسقا سيلاسي وكبار المسؤولين، إضافة إلى زعماء الطوائف الإسلامية والمسيحية، في مشهد نادر يجسد روح التعايش الديني التي كرس لها الفقيد حياته.
وفي كلمته خلال المراسم، وصف رئيس الجمهورية الراحل بأنه رمز وطني وأبٌ للسلام والعلم، نذر حياته لنشر الاعتدال وتعزيز الوحدة بين أبناء الوطن الواحد، مؤكداً أن صوته ظلّ صوت الحكمة في أوقات الانقسام.
كما وجّه رئيس الوزراء آبي أحمد رسالة تعزية إلى أسرته وللمجتمع الإسلامي، أكد فيها أن إرث الشيخ عمر إدريس في بناء جسور الحوار والتسامح بين الأديان سيبقى حاضراً في ذاكرة الأجيال القادمة، مشيداً بعطائه الكبير في خدمة البلاد.
وُلد الفقيد عام 1937 في منطقة ولو بإقليم أمهرا شمالي البلاد، وبدأ مسيرته العلمية في مساجد قريته قبل أن ينتقل إلى مدينة دَسّي ثم أديس أبابا طلباً للعلم، حيث تتلمذ على أيدي كبار العلماء، وكرّس حياته لتدريس علوم الشريعة الإسلامية.
خلال مسيرة علمية ودعوية امتدت لأكثر من خمسة عقود، ألّف الشيخ عمر إدريس أكثر من خمسين مؤلفاً في الفقه والتفسير والحديث باللغة الأمهرية، كما قام بترجمة معاني القرآن الكريم إلى الأمهرية، وفسّره مئات المرات في العاصمة أديس أبابا. وفي عام 2019 منحته جامعة أديس أبابا الدكتوراه الفخرية تقديراً لإسهاماته في التعليم والإصلاح الاجتماعي.
تولّى الراحل رئاسة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في إثيوبيا بين عامي 2018 و2022، كما ترأس مجلس المؤسسات الدينية، وكان من أبرز الأصوات الداعية إلى التعايش والتفاهم بين مكونات المجتمع الإثيوبي.
رحل الشيخ عمر إدريس تاركاً إرثاً علمياً وروحياً عميقاً، وشهادة حية على أن صوت الاعتدال والحكمة يمكن أن يكون جسراً بين الأديان والثقافات، وهو ما جسدته جنازته التي وحّدت الإثيوبيين على محبته وتقدير مسيرته.
،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،