مقالات

ليبيا تستعيد دورها الإقليمي عبر استضافة مؤتمر لجنة الأمن والمخابرات الإفريقية (سيسا) في بنغازي

زاهد زيدان -كاتب  إثيوبي 

الراصد الاثيوبي- بنغازي 

الخميس 21 أغسطس 2025 

في مشهد يعكس عودة ليبيا التدريجية إلى واجهة المشهد الإفريقي، تحتضن مدينة بنغازي هذا الأسبوع أعمال مؤتمر لجنة الأمن والمخابرات الإفريقية (سيسا)، بمشاركة رفيعة المستوى من قادة ومسؤولي أجهزة الاستخبارات والأمن يمثلون نحو 45 دولة إفريقية، إلى جانب وفود إعلامية وصحفية واسعة حضرت لتغطية الحدث.

رمزية الاستضافة في مدينة ما بعد الحرب

انعقاد المؤتمر في بنغازي لا يُنظر إليه كاجتماع تقني فقط، بل كرسالة سياسية بليغة، مفادها أن ليبيا، بعد سنوات من الصراع، قادرة على العودة إلى موقعها الطبيعي كجسر تواصل وفاعل رئيسي في القارة. ويعتبر هذا الحدث الأكبر من نوعه الذي تستضيفه ليبيا منذ سنوات، مما يمنحه بعدًا استثنائيًا في توقيته ومكانه.

خلفية عن “سيسا” وأهدافها

تأسست لجنة الأمن والمخابرات الإفريقية “سيسا” مطلع الألفية كإطار يجمع أجهزة المخابرات والأمن في الدول الإفريقية، بهدف تعزيز التعاون الاستخباراتي، وتبادل المعلومات، وتنسيق الجهود المشتركة لمواجهة التحديات الأمنية العابرة للحدود. وتعد “سيسا” اليوم من أبرز المؤسسات القارية التي تلعب دورًا استراتيجيًا في التصدي لقضايا الإرهاب، الهجرة غير النظامية، والجريمة المنظمة، وغيرها من الملفات التي تمس استقرار القارة.

تسلم ليبيا رئاسة اللجنة للعام 2025 عبر الفريق أول حسين العائب، رئيس جهاز المخابرات الليبية، يمثل محطة مهمة تعكس الثقة الإفريقية في قدرة ليبيا على الإسهام بفاعلية في تعزيز الأمن القومي القاري.

استقبال رسمي وحضور لافت

كان رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي قد استقبل في وقت سابق بمقر المجلس الأمين التنفيذي للجنة، جاكسون فيكتور هاماتا، والوفد المرافق له، في حضور رئيس جهاز المخابرات الليبية. اللقاء أكد على دعم ليبيا لعمل اللجنة واستعدادها لتقديم كل التسهيلات لإنجاح أعمال الدورة الحالية.

أجندة المؤتمر: ملفات ساخنة على الطاولة

من المقرر أن تستمر جلسات المؤتمر على مدى أربعة أيام، من 21 إلى 26 أغسطس الجاري، بمشاركة خبراء وممثلين من مختلف أجهزة المخابرات الإفريقية، حيث تناقش الندوات والمحاضرات قضايا مصيرية، أبرزها:

الأمن الغذائي والتحديات المرتبطة بتغير المناخ والموارد،قضية الهجرة وتوطين المهاجرين في القارة،الأزمات الأمنية المرتبطة بالنزاعات المسلحة والإرهاب ،الأمن المائي والزراعي كجزء من استراتيجيات التنمية،التنسيق الاستخباراتي وتبادل المعلومات كآلية لتعزيز الاستقرار.

مشاركة إعلامية واسعة

رافق هذه التحضيرات حضور إعلامي واسع، حيث وصلت وفود المراسلين والصحفيين من مختلف الدول الإفريقية لتغطية الحدث، في مشهد يعكس الزخم الذي يحيط بالمؤتمر. وقد عقدت اللجنة الإعلامية، برئاسة المستشار الدكتور محمد شرف الدين، جلسة تعريفية رحبت خلالها بالوفود الإعلامية وأكدت على انفتاح المؤتمر على جميع الوسائط الإعلامية دون استثناء، ما يعزز الشفافية ويوصل الرسالة الإفريقية إلى الرأي العام المحلي والدولي.

قراءة في الأبعاد الاستراتيجية

يرى مراقبون أن المؤتمر يشكل فرصة استراتيجية لليبيا ليس فقط لتأكيد عودتها إلى الواجهة القارية، بل أيضًا لإعادة صياغة صورتها كدولة فاعلة في محيطها. فالموضوعات المطروحة تمس جوهر التحديات التي تواجه القارة، والنجاح في إدارتها يعزز مكانة ليبيا كمحور للتنسيق والتعاون الإقليمي.

كما أن تسلم رئاسة “سيسا” يضع على عاتق ليبيا مسؤولية قيادة النقاشات حول ملفات حساسة، ويمكّنها من لعب دور أكبر في رسم السياسات الاستخباراتية المشتركة، وهو ما يفتح الباب أمام بناء شراكات أوسع ويعزز أمنها القومي الداخلي عبر التعاون مع شركاء أفارقة.

نحو مستقبل أكثر استقرارًا

بذلك، لا يُعتبر مؤتمر “سيسا” مجرد اجتماع دوري، بل علامة فارقة في مسار ليبيا نحو استعادة دورها الإفريقي، وفرصة للدول المشاركة لتعزيز التكامل الأمني والاستخباراتي في مواجهة تحديات لا تعترف بالحدود. وبينما تترقب العواصم الإفريقية مخرجات المؤتمر، تبقى الآمال معلّقة على أن يسهم في دفع القارة نحو مستقبل أكثر استقرارًا وأمناً وتكاملًا.

،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،

إثيوبيا تستقبل أول دفعة من خريجي البحرية بعد تدريب خارجي دام ست سنوات في ظل مساعٍ لإحياء قوتها البحرية – الراصد الاثيوبي – ETHIO MONITOR

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  (To Type in English, deselect the checkbox. Read more here)
زر الذهاب إلى الأعلى
Lingual Support by India Fascinates