سد النهضة… بين وعد التنمية وواقع التهديد

عمار العركي -كاتب سوداني
الراصد الإثيوبي -السودان
الثلاثاء 15 يوليو 2025
* في لحظة تتزايد فيها التحولات الإقليمية، ويتصاعد فيها الحديث عن المياه كعامل استقرار أو توتر، يظل سد النهضة مشروعًا فريدًا في رمزيته، وفي ما يثيره من جدل لا ينتهي. وبينما يُنظر إليه من زوايا مختلفة في القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، تبقى السودان في موقع دقيق ومركّب: بلد الجوار الجغرافي الأقرب، والتأثر الفوري المباشر، والفرصة التنموية المؤجلة.
ما بين الرؤية والأثر :
* منذ بدء المشروع، تعامل السودان بروح مسؤولة ومنفتحة، تُقِر بحق إثيوبيا في التنمية والاستفادة من مواردها، استنادًا إلى مبدأ “لا ضرر ولا ضرار”. وقد أشار عدد من الخبراء الدوليين، ومنهم الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان، إلى أن الفوائد المحتملة للسودان من السد متعددة، وتشمل:
* تنظيم جريان مياه النيل الأزرق بما يُتيح تعدد الدورات الزراعية.
* خفض خطر الفيضانات الموسمية.
* تقليل الطمي الذي يضر السدود السودانية.
إتاحة شراء كهرباء منخفضة الكلفة.
* تمكين السودان من استعادة نصيبه غير المستخدم من مياه النيل.
دراسات دولية تؤكد ذلك :
* دراستان بارزتان أكدت هذه الفوائد وأوصتا بالتعاون الثلاثي المشترك:
* دراسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) – 2014 “سد النهضة الإثيوبي: فرصةٌ للتعاون والمنافع المشتركة في حوض النيل الشرقي”
رابط الدراسة:
https://jwafs.mit.edu/sites/default/files/documents/GERD_2014_Full_Report.pdf
* دراسة البنك الدولي – 2008 “فرص التعاون في تنمية الموارد المائية في النيل الشرقي” أعدها خبيران دوليان بطلب من وزارات المياه بالدول الثلاث.
ولكن… أين نقف اليوم؟
* رغم الوعود، نفذت إثيوبيا ثلاث مراحل ملء دون اتفاق مسبق، مما تسبب في أضرار حقيقية على السودان، خاصة عند سد الروصيرص.
* غياب اتفاق قانوني ملزم لا يعكس روح الشراكة الإقليمية، ويقوّض الثقة. كما أن الحديث عن “الحقوق التاريخية” يتناقض مع مبادئ القانون الدولي، ومع تقارير اللجان الفنية الثلاثية، بل حتى مع تقرير الشركة الفرنسية التي أوصت بمعالجات فنية ضرورية.
ما بعد الاحتفال… الحاجة إلى اتفاق
* دعوة إثيوبيا الأخيرة للسودان لحضور افتتاح السد المرتقب في سبتمبر المقبل، تُقابل في الخرطوم بالتقدير، لكن لا تكفي رمزيًا ما لم تُترجم إلى شراكة مؤسسية قائمة على الشفافية والتفاهمات المكتوبة، الاحتفال بالإنجاز لا يُغني عن تأمين المصالح.
خلاصــة القــول ومنتهــاه:
* سد النهضة يمكن أن يكون فرصة لا تهديدًا، ومنصة للتكامل لا ساحة للخصام.ث، لكن هذا مرهون بالتزام الجميع باتفاق ملزم يراعي السيادة، ويحقق المنافع العادلة، ويضمن استقرار السودان المائي والسياسي.
* السودان لا يعارض التنمية، لكنه يرفض أن يكون ثمنها استقراره أو نصيبه العادل من النيل. وإذا كانت إثيوبيا تسعى لإقناع الداخل والخارج بنجاح مشروعها، فإن أفضل شهادة نجاح ستكون اتفاق شراكة لا ملء أحادي.
،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،