تقارير وتحليلات

أزمة الجوع   في ” هيتساس ” تيغراي بين الخلاف وعدم تحمل المسؤولية

المئات يموتون في ظل تهرب الحكومة والجبهة من مسؤوليتهم تجاه شعب الإقليم

رصد – أنور إبراهيم -كاتب إثيوبي

الراصد الإثيوبي -أديس أبابا 

الجمعة 26 ديسمبر 2025 

بعد أكثر من خمسة أعوم من حرب ضروس بين جبهة تحرير تيغراي وحكومة أديس أبابا ، مازال المواطنين في تيغراي يواجهون الموت البطئ ، بسبب أهمال متعمد  من قبل الطرفين المتحاربين ،وبعد توقيع أتفاقية بريتوريا والتي  ظلت حبرا علي ورق دون أن تقدم أي جهود تذكر بعد وقف الحرب في تيغراي الإثيوبية ،مازال الإقليم  في طئ النسيان  من الحكومة الفيدرالية التي واصلت خلافها مع جبهة تحرير تيغراي متناسية شعبا ظل يعاني لفترات طويلة .

خلافات متواصلة

تواصلت الخلافات بين الطرفين الموقعين علي أتفاق سلام لوقف حرب كانت الأسوأ في المنطقة ، وكان أنسان تيغراي الذي واجه حربا ضروسا هو الضحية مع تناسي الحكومة لمسؤوليتها وتعنت جبهة تحرير يتغراي ، في ظل تمسكها بنقاط الخلافات المتواصلة مابعد أتفاق بريتوريا .

وفي ظل التراشق الإعلامي بين الطرفين ، ووقف الخدمات في الإقليم  مرة منع تحرك شاحنات الوقود وتارة أخري تجميد أصول المؤسسات التنموية التي تعود لأنسان المنطقة ، تواصلت المعاناة دون أن يتحمل الجميع المسؤولية ، لنصل لأزمة أخري في منطقة يموت فيها المئات يوميا .

هيتساس والموت البطئ

وقد أفادت التقارير الواردة من معسكرات منطقة هيتساس ، وهي منطقة تضم مخيمات للنازحين من مناطق غرب تيغراي ، والذين تم تهجيرهم من المنطقة وذلك بعد السيطرة عليها من قبل مجموعات تتبع لقوات أمهرا الأقليمية ، وغيرها من القوات التي شاركت في حرب تيغراي الي جانب القوات الحكومية” ، أن أكثر من 50 نازحًا داخليًا من غرب تيغراي لقي حفتهم منذ يوليو 2025.

وبحسب مصادر يواجه نحو 1,700 نازح خطر الوفاة في حال عدم تقديم مساعدات غذائية وطبية عاجلة، فيما يعاني كبار السن والنساء والأطفال من ضعف شديد نتيجة الجوع، ويقضي عدد كبير منهم أيامه داخل الملاجئ دون إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية.

وبحسب تقديرات  تبلغ كمية المساعدات الغذائية المقدمة نحو 15 كيلوغرامًا لكل أسرة، وهي غير كافية لتغطية الاحتياجات الأساسية، ما يدفع بعض الأسر إلى بيع جزء منها للحصول على غذاء إضافي أو مستلزمات ضرورية، ما يزيد من سوء التغذية

وقد افادت التقارير الواردة الي  أن إجمالي عدد الوفيات في المخيم منذ يوليو 2025 تجاوز 50 حالة، فيما تجاوز عدد الوفيات منذ عام 2022 نحو 300 حالة بسبب نقص الغذاء والأدوية، ويواجه نحو 1,700 شخص خطرًا وشيكًا إذا لم تُقدم مساعدات إنسانية عاجلة.

وقد  دعت الجمعيات الإنسانية المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لتقديم الدعم، محذرة من أن استمرار نقص المساعدات قد يؤدي إلى ارتفاع أعداد الوفيات في الأيام المقبلة.

ومن جانبه قدم رئيس الإدارة المؤقتة لإقليم  تيغراي  ،الجنرال  تادسي وردي، سلسلة من النداءات العاجلة إلى الحكومات والمؤسسات والجمهور استجابةً للأزمة الإنسانية المتفاقمة التي يواجهها النازحون داخلياً في تيغراي.

وفي بيان صدر أمس الخميس ، دعا  رئيس الإدارة المؤقتة لتيغراي الإثيوبيين والأريتريين  في الداخل والخارج، وخاصة الشباب، إلى مواصلة وتكثيف دعمهم الإنساني للمجتمعات النازحة، محذراً من أن الجوع والحرمان يهددان الأرواح في أكثر من 145 موقعاً للنزوح في المنطقة.

وقد أثارت التقارير والصور التي تُظهر أطفالاً وكبار سن يعانون من الهزال الشديد في مخيم هيتساس للنازحين، حيث تشير الروايات إلى وفاة المئات بسبب الجوع، ردود فعل واسعة النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي، مما دفع المؤثرين والجماعات المختلفة إلى حشد جهود جمع التبرعات وتقديم المساعدات الغذائية للمجتمعات النازحة.


ماهو مخيم هيتساس ؟

 تمتاز منطقة هيتساس بكونها مدينة صغيرة تقع ضمن مقاطعة أسغدي بإقليم تيغراي في شمال إثيوبيا على بعد 48 كيلومترًا غرب مدينة شيري، تقع  على طريق شيري – ددبيت – دانتشا،أهم الطرق في إقليم يتغراي “المنطقة الشمالية ” وتعد المدينة المركز الإداري للمنطقة الفرعية التابعة لها، وموقع مخيم هيتساس للنازحين

ويوجدفي المنطقة  مخيم هيتساس وهو من المخيمات الرئيسة  ، كان في السابق يضم عدد كبيرا من اللاجئين الأريترين ، ومع تطور حرب تيغراي ، هرب اللاجئين الإريتريين منها خوفا من تقدم القوات الأريترية التي وقفت في الحرب الي جانب القوات الحكومة ، وقامت بالعديد من الأنتهاكات في الإقليم ضد الشعب، في أبضع مجازر سجلها التاريخ .

وبات المخيم  مؤخرا موقعا لاستقبال النازحين من منطقة غرب تيغراي الذين شُردوا من ديارهم جراء النزاع المستمر منذ خمس سنوات.

 وظل المخيم  مهمل لفترات طويلة ، بسبب خروج عدد  من المنظمات التي أشتكت من نقص الوقود الذي ظل سببا لأعاقة عملية تقديم المساعدات الإنسانية في المنطقة والمناطق المحيطة بها منذ العام 2023 .

بريتوريا أتفاقية لم تقدم أي جهد للسلام واستقرار الشعب

وعلي الرغم من توقيع اتفاقية السلام “بريتوريا ” في نوفمبر من العام 2022بين الحكومة وجبهة تحرير يتغراي بعد حربا طويلة أستمرت حوالي العامين ، يشكو النازحون من استمرار نقص الغذاء والرعاية الصحية والمأوى وسبل العيش، إضافة إلى تعرضهم لمخاطر أخرى، بما في ذلك الحيوانات البرية نتيجة عدم توفر ملاجئ آمنة، وتجاهل أعادة النازحين لمواقعهم السابقة في ظل تمسك بعض القوي الموالية للحكومة الإثيوبية بالتواجد في مناطق دخلتها أبان حرب تيغراي ، لتظل أهم المطالب من مختلف القوي في تيغراي ، خروج القوات الأجنبية من أراضي غرب وجنوب تيغراي ،في ظل صمت حكومي لأكثر من ثلاثة أعوام .، وتجاهل المنظمات والجهات الدولية والإقليمية لمراقبة تنفيذ بنود الإتفاق .

تجاهل الجوع في ظل تبادل للأتهامات

في وقت ناشدت فيها عدد من التنظيمات السياسية في إقليم  “حزب سيمرت ، سالساي وياني تيغراي ، وبايتونا ،وغيرها من الأحزاب “المجتمع الدولي والحكومة الفيدرالية والإدارة المؤقتة  ، بالتحرك  السريع  لإنقاذ المواطنين  من الوضع الحالي وتقديم كافة المساعدات ، كان  رد فعل الحكومة الصمت دون أبداء أي كلمة فيما يخص الأزمة الإنسانية ،لتخرج مفوضية درء الكوارث والأزمات الإثيوبية ،بتصريحات حيث نفت صحة التقارير المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن توقف المساعدات الإنسانية للنازحين داخليًا في مخيم هيتساس المؤقت في منطقة أسغدي، المنطقة الشمالية الغربية من إقليم تيغراي، مؤكدة أن المساعدات الغذائية جرى توزيعها “بشكل كامل ودون انقطاع” خلال الأشهر الماضية.

وقالت المفوضية، في بيان صدر يوم الأربعاء، إن الحكومة الفيدرالية تولي أولوية لدعم النازحين المقيمين في الملاجئ المؤقتة، بما في ذلك مخيم هيتساس، واصفةً التقارير التي تتحدث عن نقص في المساعدات بأنها “غير دقيقة” ولا تعكس الوضع الفعلي في المخيم.

وأضافت المفوضية أن النازحين في المخيم تلقوا مساعدات غذائية منتظمة على مدار العام، مشيرةً إلى أن السجلات الرسمية توضح استمرار عمليات التوزيع دون انقطاع بين سبتمبر وديسمبر 2025.

وجاء توضيح المفوضية في ظل تداول تقارير حول وفاة عدد من النازحين ووجود حالات حرجة نتيجة نقص الغذاء والخدمات الأساسية، ما أثار اهتمامًا عامًّا بشأن أوضاع المخيم.

وتسلط هذه التطورات الضوء على التحديات المستمرة أمام إيصال المساعدات الإنسانية في إقليم تيغراي، حيث تؤثر ظروف النزوح المطوّل ومحدودية الموارد والصعوبات اللوجستية على جهود الاستجابة الإنسانية.

والحكومة تحاول تحميل جهات عدة للأزمة الأنسانية المتفاقة في تيغراي منها جبهة تحرير يتغراي والإدارة المؤقتة للإقليم التي تقود الإقليم ، حيث تواجه هي الأخري تحديات عدة منها عدم توفر الميزانية الخاصة بالإقليم التي منعتها الحكومة بحسب أتهامات  إدارة الإقليم ،مما أدت  لعدم دفع المرتبات الخاصة بموظفي الخدمة .

جهود الناشطين أكبر من غيرها

وعقب الحالة التي وصلت اليها أوضاع النازحين في منطقة هيتساس قام الناشطين في مختلف المواقع  عبر منصات التواصل الإجتماعي ،بحملة دعم وتوفير الغذاء والدواء للمحتاجين ،حيث دخلوا في تحدي لجمع مبالغ كبيرة ، وصلت لأكثر من ثلاثون الي خمسون مليون بر إثيوبي ، وقد وجدت صدي وتفاعلا كبيرة من أبناء الإقليم والمنطقة في الخارج، والذين تفاعلوا   لتقديم المساعدات المالية ،وحققت الحملات التي قام بها التيك توكر من الشباب وناشطي مواقع التواصل الإجتماعي دورا كبيرا .

ولكن بعض الجهات بدات تري أن هذه الحملات قد تكون لأغراض أخري “تخوفات من الحراك الذي أحرج جهات عدة داخليا ” ، مما حدا ببعضهم مثل مفوض درء الكوارث وغيرهم الذين أنتقدوا الحملات ووصفوها بغير القانونية ، وانتقادات من ناشطين أخرون للبعض حول كيفية جمع الأموال .

مما أصبح مسار خلاف ، واتهام بأن من ينتقدون هؤلاء لهم مارب أخري ضد شعب أعزل يواجه الموت البطئ جوعا ومرضا في ظل تناسي المنظمات الدولية لدورها ، وأهمال الحكومةالإقلمية والفيدرالية لنازحين يواجهون الموت بسبب الجوع  وهجوم الحيوانات المتوحشة  في تلك المناطق منذ أكثر من أربعة أعوام ، ولا حياة لمن تنادي .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  (To Type in English, deselect the checkbox. Read more here)
زر الذهاب إلى الأعلى
Lingual Support by India Fascinates