آبي أحمد: سد النهضة رمز لنهضة إثيوبيا ونهاية “الجمود الجيوسياسي”

الراصد الأثيوبي- أديس أبابا
الثلاثاء 2 سبتمبر2025
أكد رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أن سد النهضة الإثيوبي الكبير لم يعد مجرد مشروع تنموي لتوليد الطاقة، بل يمثل تحوّلا استراتيجيا يعيد صياغة موقع بلاده في معادلة القوة الإقليمية، معلنا ما وصفه بـ”نهاية قرون من الركود الجيوسياسي” وبداية عصر جديد من التنمية والسيادة الوطنية.
تصريحات آبي أحمد جاءت خلال مقابلة تلفزيونية من موقع “سد النهضة” ضمن الاستعدادات الجارية لافتتاحه رسميا في 9 سبتمبر الجاري.
وشدد آبي أحمد على أن المشروع جاء نتيجة إرادة سياسية وشعبية صلبة قاومت الضغوط المالية والدبلوماسية والتحديات الإقليمية، مؤكدًا أن سد النهضة ليس مجرد بنية تحتية، بل رمز لحق إثيوبيا في استغلال مواردها، وتجسيد لوحدة شعبها وصموده أمام التحديات”.
وطرح آبي أحمد السد بوصفه ورقة قوة سيادية قادرة على تغيير معادلات التبعية التاريخية في ملف المياه والطاقة. وأشار إلى أن السد سيحقق لإثيوبيا استقلالا اقتصاديا متزايدا عبر إنتاج الكهرباء وتوليد إيرادات من السياحة ومصايد الأسماك، بما يجعل المشروع “خط النهاية لزمن الفقر وخط البداية لنهضة وطنية شاملة”.
وأكد أبي أحمد أن تكاليف بناء السد سيتم إستعادتها خلال فترة تتراوح بين 5 و7 سنوات، بفضل عائداته التي يُتوقع أن تصل إلى مليار دولار سنويا من الكهرباء، والسياحة، وصيد الأسماك.
وأعتبرا أبي احمد سد النهضة بأنه مشروع وطني بارز سلّط الضوء على الإثيوبيين، وجسد صمودهم ووحدتهم، وهو إرث للأجيال المقبلة”.
وقال إن الإنجاز تحقق بفضل “المثابرة، والوحدة، والمساهمات الجماعية للشعب الإثيوبي”.
ووصف السد بأنه “نعمة عظيمة لإثيوبيا والمنطقة”، مشيرا إلى أن تشغيله لا يوقف تدفقات المياه إلى دول المصب، بل ينظمها بشكل أكثر كفاءة.
وفي ردٍ على الانتقادات الإقليمية، شدد آبي أحمد على أن استخدام إثيوبيا “جزءًا محددا من نهر أباي” لا يُعد جريمة ولا اعتداءً على حقوق الآخرين.وقال النهر يُسمى أباي في إثيوبيا ولا يصبح النيل إلا في الخرطوم. نحن لا نوقف تدفقه؛ بل نطلق المياه عبر التوربينات وممرات الانسياب. ما بدأ صغيرا يجب أن ينمو”.
واستذكر آبي أحمد زيارته الأولى لموقع السد، قائلا إنه عاد بخيبة أمل وحزن من الوضع المتردي الذي رآه آنذاك، قبل أن يتحول المشهد إلى قصة نجاح تؤكد أن “الشعب الإثيوبي إذا صمد وعمل بتناغم، يمكنه تحقيق نتائج مذهلة”.
وأشار إلى أن استكمال المشروع رغم الحروب والعقبات كان “أمنيته الأخيرة” ودعوته التي لم يتخلّ عنها حتى في أحلك الظروف، معتبرا أن السد أشبه بـ”إحياء الموتى” بعدما تجاوز تحديات طبيعية وبشرية هائلة.
وجه رئيس الوزراء الأثيوبي شكره إلى جميع من ساهموا في المشروع، من الجنود الذين “ضحوا بأرواحهم لحماية السد”، إلى العمال الذين واصلوا الليل بالنهار طيلة 14 عاما، إضافةً إلى الإعلاميين والفنانين الذين جعلوا قضية نهر أباي حية في وجدان الشعب الاثيوبي. كما حيا رئيس الوزراء الأثيوبي الراحل ملس زيناوي الذي أطلق المشروع برؤية جيوسياسية بعيدة المدى، وخليفته هايلي مريام ديسالين الذي واصل العمل على تنفيذه.
وكشف آبي أحمد عن تسمية البحيرة الاصطناعية خلف السد بـ”بحيرة الفجر”، مؤكدا أنها واحدة من أكبر البحيرات في إفريقيا. وقال: “لقد كنا في سباتٍ عميق لقرون، لكننا استيقظنا على فجر جديد أدركنا فيه ثرواتنا”.
وأضاف أن إثيوبيا قبل السد ليست كما بعده، مشيرا إلى أن المشروع “فتح صفحة جديدة” في التاريخ الوطني، ورفع مكانة البلاد الجيوسياسية إلى مستوى أعلى على الساحة الدولية.
كما المح رئيس الوزراء الأثيوبي إلى خطط إثيوبيا المستقبلية لبناء سدود إضافية على نهر أباي لتوليد المزيد من الطاقة، مع الالتزام بحقوق دول المصب.
واختتم بالدعوة إلى حماية السد باعتباره إرثا وطنيا، وحث الإثيوبيين على زيارته باعتباره “بصمة لا تُمحى في تاريخ البلاد الحديث”.