مقالات

خواطر إثيوبية …………أغنية ظلت حلقة وصل بين الشعبين “نانو نانو ني “

أنور إبراهيم -كاتب إثيوبي

أنور إبراهيم   -كاتب إثيوبي

الراصد الإثيوبي -أديس أبابا 

السبت 2 أغسطس

ليس بجديد  تداول الأغاني السودانية والإثيوبية بين فناني  البلدين  “إثيوبيا والسودان”، فالموسيقي  فعلت ما لم  تستطيع أن تفعله السياسة والحكومات ، حيث اخترقت الحدود دون أن يعرف  ايا من شعبي الدولتين لمن هي هذه الأغنية ، وظلت حلقة وصل بين شعبين محبين للموسيقي والغناء لدرجة العشق الأعمي ، واعتقد أن السلم الخماسي والحياة الإجتماعية في البلدين هي أحد  أسباب العشق الموسيقي لأغاني كل دولة للأخرى  .

ومن الأغاني التي وجدت صيتا كبيرة في فترة السبعينات والثمانينات ، هي أغنية إثيوبية مشهورة للفنان الإثيوبي الكبير مولوغن ملسي ، وهو من الفنانين المشهورين في تلك الفترة ،و الذين ذاع صيتهم   بصورة كبيرة وعرف بتقديم أغاني الحب والعشق .

أغنية “نانو نانو ني ”  من الأغاني التي تصدرت المشهد الموسيقي والغنائي في تلك  الفترة باللغة الأمهرية ، وعبرت الحدود لتجد  أذانا صاغية في السودان ومناطق أخرى عدة ، حيث تغني بها عدد كبير من الفنانيين السودانيين في تلك  الفترة، وأشتهر بترديدها الفنان الكبير عبد العزيز  المبارك في السودان ، ومن ثم الفنانة حنان بلوبلو .

الأغنية التي تتحدث عن فتاة تسمى”  نانو ” وصفاتها  أحبها وعشقها لدرجة أنه  كان  يبحث عنها في منطقة محددة وظل يبحث عنها  ، وكان يتحدث عن المنطقة التي تتواجد  فيها ، ويناديها ويخاطبها بالحضور اليه ، لأن له شأنا معها ، وتتحدث عن بعض العادات الإجتماعية في تلك  الفترة ، ويصف مكانته الإجتماعية ، وحرفته وحرفة  والده  ،حيث كان في السابق المجتمعات الأرستقراطية تري أن هناك عيوبا في بعض المهن اليدوية ، التي تمارس في الداخل الإثيوبي مثل مهنة الشماني “النساجون وغيرها من المهن ” والتي هي في الأصل هي مهنة مهمة في المجتمع لأهميتها لتزيين الأغنياء والملوك والأباطرة  ، وكان يقول في الإغنية انه لا يمكن أن ينام دون أن يراها ، ويصف أن سريره بات ضيقا عليه  كنوع من الشوق والحنين …………. الخ  ….

والأغنية كعادة الفنانين الإثيوبيين القدماء  في الغناء عن  الحب والعشق تصل لمرحلة الوصف الدقيق و” الغزل الرفيع  ” لدرجة وصف كامل حركاتها والجسد  وغيرها من  الصفات  فيما   يخص المحبوبة حياتها وتحركاتها عملها حراكها، وبيئتها ومناطقها التي تعيش حولها ، حتي يصل منطقة محددة في الأغنية يتحدث فيها عن أخشاب النيل السوداء …..

أغنية “نانو نانو ني ” من الأغاني التي وجدت انتشارا كبيرا حتي في السودان ، علي الرغم من أن جميع من كان يتغني بها لم يكن يعرف اللغة الأمهرية ، ولكنها  الموسيقى التي تسهل حتي  الكلمات عبرها وحواجز اللغات  لتعبر بنا عوالم بعيدة لا نعرف عنها سوي اللحن والإيقاع مع حفظ الكلمات حتي دون معرفة المعنى الحقيقي .

من هو مولوغن

وُلد مولوغن ملسي في مقاطعة قوجام بإقليم أمهرا بشمال إثيوبيا عام ١٩٥١،توفيت والدته في صغره، فانتقل إلى العاصمة أديس أبابا ليعيش مع عمه،وبسبب خلاف مع عمه ، انتهى به المطاف في دار للأيتام، حيث درس الغناء مع موسيقى زائر كان يقدم دروسا للموسيقى للأطفال في دار الأيتام من وقت لأخر .  

اشتهر ملوغن بأغانيه  في فترة شهدت إثيوبيا  اضطرابات سياسية واجتماعية متعددة  ،   بعد ظهور الثورة الإثيوبية عام 1974 والتي أطاحت بالحكم الملكي ،وأدت لظهور أقوي  نظام ديكتاتوري عسكري في البلاد الذي كان يقوده العقيد منقستو هيلي ماريام  1974 -1991.

عبرت  أغاني مولوغن في فترة  السبعينيات والثمانينيات بالحب والشوق إلى أيام أفضل، متحديا النظام أنذاك  وكانت يمني الشعب بحياة أفضل مستقبلا ويحن للماضي  .

بدأ مولوغن الغناء في النوادي الليلية  المحلية في ستينيات القرن الماضي وهو في سن المراهقة، وأصبح نجمًا لامعًا.

حققت أغاني الحب مثل “موددن وديدكوت” ، و”هاغروا واساميجينا”  و”نانو نانو نيي”   نجاحًا كبيرًا .

ووصفه أحد الكتاب الإثيوبيين خلال تلك الفترة من خلال كتاباته : “إنه ملك أغاني الحب بالنسبة لي” وقال  “الأمر كله يتعلق بكيفية معاملة المرأة، وكيف ترى المرأة.”

وأضاف :” إن شعبية مولوغن تعود بشكل كبير إلى كاتبات الأغاني الموهوبات اللواتي عمل معهن في هذه الأغاني، ومنهن شيوالول منغيستو والم تسيهاي وداجو “شاعرة إثيوبية معروفة ” وأضاف   “من غير المرأة يعرف كيف توصف أو كيف يُنظر إليها؟”

وأهم تحدي واجهه ، حيث  كان من الصعب أن تكون فنانًا في بلد خاضع للحكم العسكري في تلك الفترة ، في وقت كانت فيه رقابة شديدة للغاية، ويتم تحليل أي كلمة لمعني سياسي أو لمغذي أخر ضد النظام .

وفي تلك الفترة غادر العديد من الموسيقيين إثيوبيا، أما مولوغن فقد بقي داخل البلاد لفترة من الزمن ،  وفي النهاية غادرها  في العام  ١٩٨٤، والتي كانت تعتبر أصعب مراحل تمر بها البلاد ، سياسيا وإقتصاديا “فترة الصراعات المسلحة والجفاف “و انتقل إلى الولايات المتحدة واستقر في واشنطن العاصمة.

استمر في أداء أغاني الحب الرائعة لفترة، قبل أن يتخلى عنها تمامًا للتركيز والتفرغ لتأدية واجبات دينه، حيث كان يؤدي  ​مولوغن   الأناشيد الدينية في الكنيسة.

ولكن علي الرغم من توقفه عن الغناء ظلت أغانيه رمزا للحب والعاطفة الجياشة ويتم ترديدها حتي يومنا هذا .

توفي الفنان الإثيوبي الشهير مولوغن ملسي   في العاصمة الأمريكية واشنطن  بعد صراع طويل مع المرض، ووفقًا لعائلته كان عمره 73 عامًا.

…….سنواصل

 

 خواطر إثيوبية ……………علي صوت واغاني قاشاو أدال كانت بداية يومنا – الراصد الاثيوبي – ETHIO MONITOR

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  (To Type in English, deselect the checkbox. Read more here)
زر الذهاب إلى الأعلى
Lingual Support by India Fascinates