أخبار إثيوبياأخبار إفريقيا

أفورقي يهاجم الإمارات وإثيوبيا… خطاب الخارج لتجاهل الداخل في إريتريا

الراصد الأثيوبي- اديس ابابا

الإثنين 21 يوليو 2025

في مقابلة تلفزيونية مثيرة للجدل، شن الرئيس الإريتري أسياس أفورقي هجومًا على كل من إثيوبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة، متهما إياهما بالوقوف خلف ما وصفه بـ”المخططات غير المشروعة” للحصول على منفذ بحري على البحر الأحمر، في إشارة مباشرة إلى طموحات أديس أبابا المتزايدة نحو موانئ إريتريا، وعلى رأسها ميناء عصب. إلا أن المقابلة، التي بدت في ظاهرها استعراضا للمشهد الجيوسياسي، بحسب مراقبين كشفت في العمق عن أزمة حكم مزمنة في الداخل الإريتري، وعن قيادة تحاول تغليف عزلتها وخيباتها السياسية بخطاب خارجي مشحون بالهواجس.

هجوم متعدد الاتجاهات:

في سابقة نادرة، اتهم أفورقي بشكل مباشر الإمارات بالوقوف وراء أجندة السيطرة على الموانئ في منطقة البحر الأحمر، واعتبر أن “ما يُسمى بالحق السيادي الإثيوبي في الوصول إلى البحر ليس سوى غطاء لأطماع أبوظبي”.

واعتبر أن هذا المشروع الإقليمي، المدعوم  حسب زعمه  بتأييد فرنسي وأميركي ضمني، يهدد استقرار القرن الإفريقي، ويُدار من خارج الحدود الإقليمية، في محاولة لفرض واقع سياسي جديد على حساب سيادة الدول.

وكرر أفورقي هجومه على الحكومة الإثيوبية ورئيسها آبي أحمد، متهما إياه بـ”التضليل السياسي” والسعي لتفجير الوضع العسكري مجددًا. وقال إن “أديس أبابا لا تزال تمارس خطابًا تحريضيًا يمثل إعلان حرب فعلي على إريتريا”، كما اتهمها بانهيار اتفاق بريتوريا، وإعادة إنتاج الصراع من بوابة الطموحات البحرية المدفوعة خارجيا.

خطاب العزلة باسم إفريقيا: نقد للنظام العالمي وهروب من الداخل

خصص الرئيس الإريتري الجزء الأول من المقابلة لنقد النظام الدولي، واصفا إياه بـ”الاستعماري الجديد”، الذي يخضع شعوب الجنوب لمصالح القوى العظمى، وقدم إفريقيا كضحية واعدة لمشروع عالمي بديل.

لكن هذا الخطاب، الذي بدا للوهلة الأولى تحليليا، اعتبره مثقفون إريتريون في الخارج محاولة فاشلة لتغطية واقع مأزوم في الداخل، حيث وصف الكاتب إبراهيم قارو  في مقال نشره موقع EriNews24، خطاب أفورقي بأنه:

“محاولة لقراءة التحولات الجيوسياسية العالمية، لكنه في الجوهر يعكس انفصالًا كاملاً عن الواقع المحلي. فمن يتحدث عن العدالة والمساواة بين الأمم، هو نفسه من أقام نظامًا قمعيًا يحتقر المطالب الشعبية ويمنع الصحافة ويقمع كل تعبير مستقل.”

ويرى قارو أن ما يُقدمه أفورقي ليس تحليلًا سياسيًا، بل تمويهًا أيديولوجيًا لواقع من الانغلاق والفقر وهجرة العقول، وأن الحديث عن “الحق الإفريقي” ما هو إلا قناع لسلطة لم تعد تملك أي إجابة على أسئلة الداخل.

قراءة في المضمون: السيادة كقناع للسلطوية

خطاب أفورقي الأخير ليس حدثًا معزولًا، بل يتماشى مع نمط متكرر في ممارسة السلطة في إريتريا: استخدام ملفات السيادة الإقليمية والنقد الحاد للغرب لتبرير القمع المحلي والانغلاق السياسي.

فالتركيز على “التهديدات الخارجية”، سواء من إثيوبيا أو الإمارات أو حتى المنظمات الدولية، بات الخطاب الرسمي المعتمد لتفسير كل أزمات الداخل، من فشل التنمية إلى غياب الحريات إلى القمع الممنهج.

ومع تجاهله الكامل لأي إشارة لأوضاع البلاد الاجتماعية أو الاقتصادية، يكرّس الرئيس الإريتري صورة الحاكم المنفصل عن شعبه، الذي يتحدث عن “القرن الإفريقي”، بينما لا يملك رؤية واضحة لإصلاح دولته أو إعادة بناء مؤسساتها.

مستقبل النظام: خطاب بلا شرعية؟

يبدو أن نظام أفورقي بحسب مراقبين في المنطقة بات مرتهنا للغة الخطابات لا الأفعال، ولأوهام التاريخ لا واقع السياسة. فبدلًا من الاعتراف بأزماته البنيوية، أو السعي للتغيير الداخلي، يواصل النظام تحميل الخارج مسؤولية الانهيار، والتمسك بخطاب المقاومة كغطاء للاستبداد.

وفي ظل هذه المعادلة، تبدو خيارات النظام محصورة بين الانغلاق المتزايد أو الانفجار المفاجئ، خاصة في ظل قطيعة اجتماعية متنامية بين السلطة والشعب، وتآكلٍ متسارع للشرعية. ومع تغير المعادلات الإقليمية والدولية، فإن الزمن لم يعد يعمل لصالح من يحكم خارج زمن شعبه وفق محللين إريترين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  (To Type in English, deselect the checkbox. Read more here)
زر الذهاب إلى الأعلى
Lingual Support by India Fascinates