مقالات

ســد النهـضـة الأثيـوبــي: بيـن رمزيـة الإفتـتـاح وفـرص تعـزيـز التعـاون الإقـليـمـي

 

 

عمار العركي -كاتب سوداني 

الراصد الإثيوبي -السودان 

الجمعة 4 يوليو 2025 

* أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي الدكتور آبي أحمد عزم بلاده افتتاح سد النهضة رسميًا في سبتمبر المقبل، بعد نهاية موسم الأمطار، موجّهًا دعوة لحكومتي السودان ومصر للمشاركة في هذه المناسبة التي وصفها بالتاريخية.
* الخطوة تعكس تطورًا مهمًا في مسار مشروع ظل لسنوات في قلب التفاعلات الإقليمية، وتفتح الباب – من منظور دبلوماسي – لقراءة دقيقة تجمع بين إدراك الواقع الجديد والبحث عن فرص تفاهم مستقبلي يخدم المصالح المشتركة لدول حوض النيل الشرقي.
دعوة إثيوبية… بين الدلالات السياسية وفرص التواصل
* من حيث الشكل، تمثل الدعوة تعبيرًا عن انفتاح إثيوبي نحو محيطها الإقليمي، وهي خطوة تستحق التقدير كجزء من نهج سياسي يسعى – على ما يبدو – إلى تهدئة التوتر وفتح صفحة جديدة مع دولتي المصب. أما من حيث التوقيت، فإن اختيار لحظة الافتتاح الرسمي كمناسبة جامعة يحمل بعدًا رمزيًا، لكنه لا يُغني عن التفاهم الفني والقانوني المطلوب لضمان التشغيل العادل والمستدام للسد.
السودان… مقاربة عقلانية تراعي السيادة وتحفّز التعاون
* بالنسبة للسودان، فإن التعامل مع هذه الدعوة ينبغي أن يكون على قاعدة المصالح الوطنية والسيادة الكاملة على قراره المائي والاقتصادي، مع الحفاظ على أجواء إيجابية تساعد في خلق بيئة حوار هادئ وبنّاء مع إثيوبيا.
* ويمكن للسودان أن ينتهج موقفًا متوازنًا يجمع بين المشاركة الرمزية أو الفنية في فعالية الافتتاح، دون أن تُفهم كموافقة ضمنية على السياسات الأحادية في إدارة الموارد المائية، وهو ما قد يُعزز من فرص بناء الثقة، دون التفريط في الحقوق أو المواقف التفاوضية.
مصر والسودان… تنسيق ضروري لا يتعارض مع الانفتاح
* في هذا السياق، لا يعني انفتاح السودان تجاه المبادرات الإثيوبية بالضرورة تباعدًا عن مصر، بل العكس؛ يمكن للسودان أن يلعب دورًا في جسر الهوة بين الموقفين عبر طرح مبادرات مشتركة لإعادة المفاوضات إلى مسار عقلاني، بما يراعي الشواغل الفنية العادلة لجميع الأطراف.
* إن التنسيق مع القاهرة في هذا الظرف لا يمسّ استقلالية القرار السوداني، بل ينسجم مع حقيقة أن نهر النيل لا يعرف الحدود السياسية، وأن استقراره لا يتحقق إلا بتعاون توافقي بعيد عن الإملاءات أو الحسابات الضيقة.
خلاصــة القــول ومنتهــاه ؟
* بين رمزية الافتتاح وأبعاده السياسية، وبين تحديات الملف المائي وحساسيته، تظل فرصة بناء الثقة بين السودان وإثيوبيا قائمة. المطلوب فقط هو مقاربة مرنة وحكيمة، تستند إلى المبادئ الثابتة للسودان في حماية مصالحه، وتتجنب التصعيد، وتفتح نوافذ للتعاون الإقليمي الذي يُعد اليوم أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
* السودان، من موقعه الجغرافي والسياسي، يمكنه أن يكون جسر التوازن في معادلة معقّدة، إذا ما أحسن قراءة اللحظة وتوظيفها بحكمة.

،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،

الطــريــق إلــى أديــس يبــدأ من دارفـور… فهــل يتحــرك رأس الــدولة قبــل فـوات الفرصــة؟ – الراصد الاثيوبي – ETHIO MONITOR

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  (To Type in English, deselect the checkbox. Read more here)
زر الذهاب إلى الأعلى
Lingual Support by India Fascinates