تقرير أممي جديد: إرتريا مستمرة في انتهاك حقوق الإنسان وتصعيد خطير في القمع خارج حدودها.

الراصد الدولي -متابعات
الخميس 5 يونيو 2025
كشف تقرير جديد صادر عن المقرر الخاص لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، حول استمرار الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان في إرتريا، مع توسع مقلق في الممارسات القمعية التي تطال المعارضين واللاجئين الإرتريين في الخارج.
ويغطي التقرير، الذي عُرض أمام الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان، الفترة من أبريل 2024 إلى أبريل 2025، ويوثّق انتهاكات داخل البلاد وخارجها بأسلوب شامل ودقيق.
ترحيل قسري وتدخل إقليمي وقمع إلكتروني وترحيلات من دول جديدة
للمرة الأولى، وثّق التقرير حالات ترحيل قسري للاجئين الإرتريين من دول مثل مصر وتركيا وإثيوبيا، دون احترام للضمانات القانونية.
أشار التقرير إلى دعم إرتريا لفصائل مسلحة شرق السودان متحالفة مع الجيش السوداني في خضم النزاع الدائر، ما يمثل تطورًا جديدًا في تدخلات الحكومة الإرترية الإقليمية.
انتهاكات جسيمة في إقليم تيغراي
واصل المقرر الخاص تلقي تقارير موثقة عن انتهاكات خطيرة ارتكبتها قوات الدفاع الإريترية في مناطق من إقليم تيغراي ،كانت تحت سيطرتها خلال الفترة المشمولة بالتقرير.
وتضمنت هذه الانتهاكات عمليات قتل خارج نطاق القانون، واعتقالات تعسفية، وعنفًا جنسيًا قائمًا على النوع الاجتماعي، واختطافات، وتهجيرًا قسريًا للمدنيين، بالإضافة إلى نهب أو تدمير ممتلكات وتعذيب ومعاملة قاسية أو مهينة.
كما أشار التقرير إلى فرض قيود صارمة على حرية تنقل السكان، من بينها فرض حظر تجول وتهديدات بالانتقام ضد من يحاولون الانتقال إلى مناطق خاضعة لإدارة حكومة تيغراي.
وقد أدى ذلك إلى عزل المجتمعات المحلية وحرمانها من الخدمات الأساسية وسبل العيش والأسواق والمساعدات الإنسانية.
وسجل التقرير كذلك حالات تجنيد قسري للشباب، بمن فيهم أطفال، ما دفع العديد من السكان، لا سيما الشباب، إلى الفرار من المنطقة خوفًا من التجنيد أو الاختفاء القسري.
عسكرة التعليم وانهيار النظام المدرسي.
كشف التقرير عن نسبة رسوب صادمة بلغت 74.8% بين طلاب معسكر ساوا، مع تسرب عدد كبير من الفتيات بسبب الخوف من الاعتداءات أو الزواج القسري، ما يعكس تداعيات عسكرة التعليم والإجبار على الخدمة الوطنية.
وأشار إلى أن النظام التعليمي الإريتري، بات أداة لتغذية معسكرات التجنيد الإجباري، لا سيما مع فرض الخدمة العسكرية على الطلاب في سن مبكرة، وربط التخرج بالحضور الإجباري في معسكر ساوا.
تجسس إلكتروني وقمع المغتربين
أبرز التقرير توسع شبكة المراقبة الإريترية عبر الإنترنت، وملاحقة المعارضين في أوروبا وأمريكا وإسرائيل، باستخدام حملات تشهير إلكترونية، تهديدات، وضغوط عبر السفارات، إضافة إلى فرض ضريبة 2% على المغتربين مقابل خدمات قنصلية أساسية.
وأكد التقرير أن هذه الممارسات تشكّل نموذجًا صارخًا للقمع العابر للحدود، وتُستخدم كأداة للسيطرة على الجاليات الإريترية بالخارج، من خلال التخويف واستهداف الأقارب في الداخل.
مطالب حازمة من الحكومة والمجتمع الدولي .
دعا المقرر الخاص حكومة إرتريا إلى إنهاء نظام الاعتقال التعسفي والإفراج عن الصحفيين والمعارضين والمعتقلين الدينيين ،و إصلاح نظام الخدمة الوطنية وضمان حد أقصى لمدة التجنيد،و التوقف عن قمع الحريات الدينية والإعلامية والسياسية.
وطالب المجتمع الدولي بـ:
مراقبة الأوضاع في إرتريا عن كثب وفرض شروط حقوقية على أي تعاون تنموي أو استثماري، حماية اللاجئين الإرتريين من الترحيل القسري ، التحقيق في دور السفارات الإريترية في ترهيب المغتربين، ودعم الآليات الدولية للمساءلة.
منظومة قمع مستمرة بلا رادع
يشير تقرير 2025 إلى أن جذور القمع في إرتريا لم تتغير، لكنها اتخذت أبعادًا جديدة عبر الحدود، تستهدف معارضين ولاجئين في المنفى، وتضغط على أقاربهم في الداخل.
وبينما يواجه اللاجئون ترحيلات وتهديدات، لا تزال السلطات الإريترية ترفض التعاون مع آليات الأمم المتحدة وترفض الكشف عن مصير المئات من المختفين قسرًا منذ التسعينات.
ومع أن التقرير ليس الأول من نوعه، إلا أنه يحمل مؤشرات جديدة على التدهور الإقليمي والضغط على الشتات، ويعيد طرح السؤال أمام المجتمع الدولي: إلى متى يُسمح لإرتريا بالإفلات من المحاسبة؟.