تقارير وتحليلات

انتخابات المجلس الأعلى لمسلمي إثيوبيا: بين الاعتراف الرسمي والانقسام المذهبي

زاهد زيدان -كاتب إثيوبي 

الراصد الإثيوبي -أديس أبابا 

الأربعاء 28 ماوي 2025 

افتُتِح اليوم الاجتماع الموسّع لانتخاب أعضاء المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في إثيوبيا، بتنظيم من لجنة الانتخابات المعتمدة رسميًا. ويُعد هذا المجلس أعلى هيئة دينية تمثّل المسلمين في البلاد، وقد نال مؤخرًا اعترافًا رسميًا من الحكومة الإثيوبية، في خطوة يُنظر إليها بوصفها تتويجًا لمسيرة طويلة من النضال.

وتُعد هذه الانتخابات حدثًا غير مسبوق في تاريخ المسلمين الإثيوبيين، إذ تُجرى للمرة الأولى عبر صناديق الاقتراع، ويشارك فيها المسلمون من مختلف الأقاليم لاختيار ممثليهم بأنفسهم، في مشهد غير مألوف يُنبئ بتحوّل عميق في علاقة الدولة بالمجتمع المسلم.

واستُهل الاجتماع بعرض فيلم وثائقي مؤثر تناول تاريخ المسلمين في إثيوبيا، منذ الهجرة النبوية الأولى إلى الحبشة، مرورًا بمراحل التهميش والمعاناة، وصولًا إلى لحظة الاعتراف الرسمي والتمكين المؤسسي.

لكن هذا الحراك الانتخابي يأتي في ظل سياق ديني وسياسي معقّد، على خلفية ما يُعرف بـ”اجتماع فندق الشيراتون”، الذي فجّر جدلًا واسعًا، لا سيما بعد تصريحات مفتي ديار الحبشة السابق، الشيخ عمر إدريس، والذي اتهم جهات بمحاولة فرض تكتلات مذهبية، خاصة بين التيار السلفي (المعروف محليًا بـ”الطريقة الوهابية”)، والتيار الصوفي (الفرقة الأشعرية)، وهو التيار السائد بين مسلمي إثيوبيا.

ويرى أنصار المفتي عمر، الذي لعب دورًا بارزًا في الحصول على الاعتراف الرسمي بالمجلس الأعلى والمؤسسات الإسلامية كالبنوك والجامعات، أن ما يشهده المشهد اليوم هو تراجع عن مسار التوحيد والتوافق. ويعبّرون عن تخوفهم من تصاعد التوترات مع اقتراب موعد الانتخابات، خاصة في ظل أحداث سابقة أثارت القلق، مثل حادثة مسجد علي، التي أُصيب فيها شاب بجروح خطيرة بعد طعنه ودفعه من الطابق الأول، في هجوم نُسب إلى شباب من التيار السلفي قبل أشهر قليلة.

وتشير تقارير إلى أن حشد الجماهير الكبيرة في قاعة ميلينيوم هول بالعاصمة قد يكون محاولة استباقية من المجلس الأعلى لضبط المشهد وامتصاص أي ردود فعل متوقعة، خاصة من التيار الصوفي الذي يتمتع بقبول واسع بين عموم المسلمين في البلاد.

إنها لحظة مفصلية في تاريخ مسلمي إثيوبيا؛ لحظة تحمل الأمل والقلق معًا. فبين طموح التمثيل العادل، وخشية الانقسام الطائفي، تقف الجالية المسلمة أمام تحدٍ كبير: هل ستُكتب لهذه الانتخابات صفحة مشرقة تُضاف إلى أمجاد الهجرة الأولى، أم تُفتح بوابة جديدة لصراع الداخل؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  (To Type in English, deselect the checkbox. Read more here)
زر الذهاب إلى الأعلى
Lingual Support by India Fascinates